السبت، 15 مايو 2010

تلك الايام

عن الارهاب والاشياء التى لا تباع ولا تشترى







فيلم تلك الايام هو تجربة سينمائية تختلف فى مضمونها عن افلام السينما المصرية فى السينوات الاخيرة رغم اشتراكها فى نفس
العيوب واوجة القصور فى التناول والسرد
 .

الفيلم مأخوذ عن رواية "تلك الايام" للأديب الكبير "فتحى غانم" وقام بأخراجه ابنه "احمد غانم" وبالبطولة "محمود حميدة", "احمد
الفيشاوى" والوجة الجديد "ليلى سامى" بالاضافة الى ظهور عدد من الممثلين منهم "صفية العمرى و"سمية الالفى
.

يدور موضوع الفيلم حول ثلاثة شخصيات باعت ضميرها, الدكتور سالم عبيد "محمود حميدة" وهو استاذ جامعى واديب على استعداد لبيع نفسه للوصول الى السلطة والفوز بلقب وزير و وزوجته "ليلى سالم" التى بهرها عالم المال فتزوجته رغم عدم حبها له وكبر سنه اما الشخصية الثالثة فشخصية على النجار, ضابط فى مكافحة الارهاب والذى يعيش حالة من الذنب والغضب على النفس بسبب قتله احد الارهابيين انتقاما لصديقة مما يخالف كل المبادئ والاديان ويقوم بتجسيد دوره احمد الفيشاوى
.

والفيلم يتناول حياة هذة الشخصيات من خلال احداث الحاضر اى زمن الرواية واحداث الماضى والتى يستمر فى العودة اليها عن طريق الفلاشباك المتكرر فنرى الدكتور سالم عبيد فى شبابه يتعرض للقمع والارهاب من قبل حكومة بلاده بسبب كتاباته السياسية ويطرد من الجامعة ليستقبله استاذا امريكيا ويعلمه ان المجتمعات العربية لا تتحمل الحقائق الكاملة عن حكامها وتاريخها فتتغير شخصيته بشكل جذرى لتصبح ما هى عليه فى الحاضر, شخص موالى للنظام يرضى بتعليم طلابه فى الجامعة انصاف الحقائق التى تحددها السلطات وتجاهل ما تسكت عنه.

وتكشف لنا العودة الى الماضى ايضا اسباب ترك احمد الفيشاوى لعمله كضابط فى مكافحة المخدرات وهى ندمه على تنصيب نفسه محل القاضى وقتله لأحد الارهابين الذى قتل صديقه.

اما اميرة فهى ضائعة ما بين ذكرى حبيبها الراحل واعجاب اهلها بسالم وامواله ونفوذه فيبيعونها له وترضى هى مقابل المال والنفوذ والمركز

.

"تلك الايام محاولة طموحة لتحويل عمل ادبى الى عمل سينمائى يركز على الصراع النفسى الذى تعانى منه الشخصيات الثلاثة.ومما لا شك فيه ان تحويل عمل ادبى الى فيلم سينمائى لهو عملية دقيقة تشبة العمليات الجراحية وذلك لأن الادب فن له خصائص ومقومات تختلف اختلافا جوهريا وشكليا عن خصائص فن السينما ومقومات العمل السينمائى فبينما اداة الكاتب هى الكلمة يعد الكادر اداة صانع الفيلم يؤسس من مكوناته احداث الفيلم وعلاقات شخصياته ولذلك فأن كل لقطة يجب ان تكون ذات فائدة ولها لغرض وهو الاضافة للقطة التى تسبقها والى البناء ككل سواء كان هذا البناء تصاعديا وفيه تتوالى الاحداث وتتعقد الى ان تصل بنا الى نقطة الصراع والتى قد تحل او لا تحل او انها تضيف الى فهمنا للشخصيات والعلاقات فيما بينها وتقدم لنا لمحات جديدة عن الابطال ولذلك فأن اسلوب السرد السينمائى يختلف عن اسلوب السرد الروائى فالسرد السينمائى لا بد ان يكون مقتصدا خاليا من الاستطرادات والحشو والتطويل بحيث يصل المتفرج وحده فى نهاية الفيلم الى مغزاه دون ان يدفع الى ذلك دفعا من خلال المونولوجات على لسان الممثلين والحوارات الطويلة والاسلوب الخطابى وهذا هو سر تشابة فيلم تلك الايام مع باقى افلام السيما المصرية التى تزخر بالمونولجات والخطب التى
يمكن الاستغناء عنها والتعبير عن مضمونها بأستخدام لغة الكادر والصورة والعلاقات البصرية بين اللقطات

.

ونظرا لأن الفيلم هو التجربة الاولى لمخرجه فقد برع فى ابراز الصراع النفسى الذى تعانى منه الشخصيات من خلال اضاءة معتمة وظلال تغطى نصف وجوه الممثلين للدلالة على الانقسام بينما دأب على تصويرهم تارة من اعلى وتارة من اسفل بزوايا حادة بشكل خالى من المعنى او القيمة الدرامية

 .

اما عن التمثيل فجاء مخيبا للأمال بداية من محمود حميدة الذى بدا كأنه الرجل الالى (رغم حبى الشديد له وكونه السبب الاساسى فى دخولى الفيلم) الى ليلى سامى التى كانت تتعمد النطق بالكلمات فى بطئ شديد لمزيد من التأثير فكانت النتيجة اداء خشبى والفشل فى نقل اى مشاعر انسانية للمشاهد رغم ان تركيبة شخصيتها غنية بهذة المشاعر وتحمل ابعادا مختفلة ما بين البحث عن الحب والجشع المادى والوحدة. اما احمد الفيشاوى فلم يستطع اقناعى تماما بدوره كضابط سابق فى دائرة مكافحة الارهاب فهو اكثر رقة من ذلك وتقع مسئولية هذا الاختيار الغير موفق على عاتق مخرج الفيلم بالاضافة الى اختيار
صفية العمرى فى دور ام سالم عبيد والتى بدت فى لقطة لهما كأنها زوجته وليست امه



 .

و عن سيناريو الفيلم فقد قدم لنا علاقات درامية مركبة بشكل مبالغ فيه وعلاقات بصرية مشوشة و احداث غير محكمة تفتقر للتركيز والتحديد والوضوح فالمشاهد بعد الفيلم يخرج مرتبكا حول رسالته الغير واضحة فلا يستطيع الادعاء بأن تلك الايام فيلم يعبر عن واقع فترة تاريخية عايشتها مصر ولا هو دراسة للشخصيات التى زخرت بها هذة الفترة ولا هو تجربة انسانية تمس شغاف القلوب, فما هو اذن؟



واجمل ما فى الفيلم مونتاج احمد داوود وموسيقى يحيى الموجى التى شعرت وكأنها انعكاس للعالم الداخلى للمثلين بما يحمله من ترقب وصراع فى ذات الوقت